الثلاثاء، 28 فبراير 2012

نفسى تراودنى

نفسى تراودنى

تبكي.. وتنتحب..
وفي الوقت الذي تهزّ نفسها المعاصي بيمينها..
تقبض هي عليها وهي متلبّسة!
لطالما كانت سيئة.. تدعوها للخيانة..
وتراودها لمعاقرة الذنوب.. فتستجيب..
ثم تنظر في مرآتها بعين الاحتقار وتبدأ بجلد الذات..
ثم تنسى.. وتعود إلى المعاصي.. وهكذا دواليك..



ربتّ على كتفها.. فهدأت..
وكان ثمّة حوار.. من القلب.. إلى القلب!


شيءٌ جميل أن يعرف الإنسان نفسه..
ولا يتغاضى عن هفواتها ويجاريها على أخطائها..
بل ينظر في قلبه وتصرفاته وخواطره بين الحين والآخر ليرى إن كان على الطريق القويم أم فاته المسير المستقيم وانحرف عنه..

والأجمل أن يتابع المرء نفسه حين تشغله بأمور لا تليق ويبدأ بمنظومة التزكية قبل فوات الأوان..


والسؤال الذي يحضرني:
لِم بلَغَت هذه النفس من القوة ما يجعلها تقود الإنسان بدل أن يقودها..
ويبقى دويّ صرخة واحدة بغض النظر عن كل ما يجول بالنفس في هذا المقام..
“أريد أن أقوى على نفسي وأتوب”..



العاصي ليس بإنسان سيء! ولكنه ضعيف..
وبمجرد أن يكون لدى المرء مخاوف ويريد من يساعده على تجاوز الذنوب فهذا يعني أنه إنسان جيد ولكنه تائه عن الطريق..
ويحتاج مَن يمسك بيده ويدلّه على الله جل وعلا..


وطالما أن القلب طريّ فسيكون الإياب إلى المولى والخالق والرازق والهادي جلّ في علاه أسرع بإذن الله تعالى..

فقط باتّباع بعض الخطوات
وبعدها ستكون سعادة لا تقدّر بثمن
وإغلاق باب اليأس الذي يحبط النفس عند كل إعراض..

قبل كل شي وأي شيء..

فلتكن توبة نصوحا إلى الله جل وعلا..

وشروط التوبة أربعة:
الإعتراف بالذنب والإقلاع عنه
الندم على ما فات
والعزم على عدم العودة إليه..
وإن كان الذنب متعلّقاً بحقوق الآخرين فعلى المرء ردّ الحق إلى أصحابه..

وكل ابن آدم خطّاء وخير الخطّائين التوّابون..

فليس بيننا معصوم عن الذنوب والمعاصي وباب الله جل وعلا مفتوح للّذين يقترفون الذنوب ثم يعودون إلى الله تعالى..
فيعفِّرون الجبين على مواقع سجودهم بين يدي ربهم جل وعلا..

ويا لها من نفحة إيمانية تجتاحهم حين يشعرون بالقرب منه تعالى فيتلذذون بذكره والسعي بين يديه عسى يقبلهم سبحانه.. فحين يعلم صدقهم يفيض عليهم بأنواره ورحماته وحبّه جل وعلا مما يجعلهم يرتقون في مدارج السالكين سعداء راغبين..

فهل منا مَن لم يشتق للتذوّق؟!

النفس قوية.. وتدعو إلى السوء..
لأن العاصي هو مَن أطلق لها العنان لِفِعل ما تريد..
فتقود وكان الأولى أن يكون العكس..

والنفس ثلاثة أنواع كما ذكر القرآن الكريم..

ففيها النفس الأمّارة بالسوء
وفيها النفس اللوّامة
وفيها النفس المطمئنة..

فكلما بعدنا عن الطاعات واستسلمنا للذنوب والمعاصي والشهوات والمحرّمات كنا للنفس الأمّارة بالسوء أقرب.. وكلما ارتقينا وهذّبنا أنفسنا وامتثلنا لأوامر الله جل وعلا وانتهينا عن نواهيه كنا للنفس المطمئنة أقرب..
وبين هذه وتلك تكون النفس اللوامة التي تلوم صاحبها على ما فاته من الخير وتندم على ارتكاب المعاصي..

وحين يتبيّن للعاصي سبيل نفسه وأنها عدوّته الداخلية إن ركن لجهلها وفسادها..
عليه أن يردعها ولا يجعل من ذاته مطيّة للأمّارة بالسوء
بل يحاربها بالطاعة ليصل للنفس المطمئنة
ولا يكون ذلك إلا بتزكية النفس..
فهي القاطعة بين القلب وبين الوصول إلى الرب جل وعلا..

فبمجاهدتها ومحاسبتها يرتقي المرء..
والنفس والدنيا والهوى والشيطان كلها تجتمع على الإنسان لتُحبِطه وتُبعِده عن الله جل وعلا
فيجب إعداد العدّة الصحيحة لمحاربتها جميعاً للظفر برضا الله جل وعلا والسعادة والجنّة!


يقول الله جل وعلا في كتابه الكريم “ونفس وما سوّاها.. فألهمها فجورها وتقواها.. قد أفلح من زكّاها.. وقد خاب من دسّاها”..
فالنفس وعاء الإيمان وطالما هي قوية بالسوء فمعنى هذا أن الإيمان ضعيف.. ويجب تقويته.. فالذنوب أمراض القلوب..

وأول الطريق..
الإخلاص في القول والعمل..
والمواظبة على الصلاة..
تلك الصِلة الدائمة بين العبد وبين الرحمن جل وعلا..
وسماع كلام الله جل وعلا بتلاوة قرآنه جل وعلا،
ذلك الحبل المتين الذي ما خاب من تمسك به..
فيه جلاء للقلوب الصدئة.. وبرّ الأهل وحسن التعامل مع الآخرين إذ أن الدِّين المعاملة!

ثم المحافظة على الطاعات لأنها أفضل ما يتقرّب به العبد إلى مولاه جل وعلا..
والإكثار من النوافل..

والاستغفار..
إذ أن له أثراً كبيراً على الراحة النفسية وهو الداعي لغفران الذنوب.. يقول الله جل وعلا “فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفّارا”..

ثم يكون بناء النفس..
بمحاولة مخالفتها دائماً..
فإن طلَبَت أمراً نتجاوزه دون أن نرضيها لنعلّمها الانصياع.. وإن تمرّدت نقاومها..
فهي العدو الذي يقف بين المرء وربّه جل وعلا..
حتى إذا ما تربّت على الخضوع له جل وعلا ركَنَت وارتاح القلب!

ثم هي الصحبة الصالحة التي تذكّر بالله جل وعلا ولها أثر كبير على الإياب بفضل الله تعالى..
كما يجب البعد عن مواطن الذنوب والحذار من الوحدة والفراغ!
بل هو إشغال النفس بفضائل الأعمال والمشاركة في الفعاليات الدعوية والاجتماعية..


ولقراءة كتب التزكية والرقائق أثر كبير..
حيث يكثر فيها ذكر الجنّة والموت والدار الآخرة والحساب.. فترقِّق القلب..

أما الخيانة..
فاستعاذة بالله من الخيانة ودوافعها وآثارها..
وهو تفكّر.. هل نودّ أن نتعرّض للخيانة ممّن نحب؟
هل نرضاها لأنفسنا؟!


ويبقى أمر أساس وهو الصبر..
فليس ما سبق بسهل ولا يسير..
ولكن حين يروم المرء شرفاً رفيعاً يجب أن يدفع ثمنه غالياً.. فلذة الطاعة تفوق تعبها..
والشعور بمعيّة الله جل وعلا وحبه يستحق أن نسعى لهما مهما كلّف الأمر!

ويعين ذلك الشعور العميق باليقين أن الله جل وعلا لا بد أن يعطينا ويرضينا إن صدقنا بالتوجّه إليه جل وعلا..
فلنكثِر من الدعاء والتبتل..
ومن ذكر دعاء الحبيب عليه الصلاة والسلام
“اللهم آت نفسى
تقواها وزكّها أنت خير من زكّاها.. أنت وليّها ومولاها”..
و.. “اللهم ألهِمني رشدي وقِني شرّ نفسي”..

اللهم آمين..

روابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق
URL
HTML
BBCode

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تابعنا علي جوجل بلس

شارك معنــا

إذا أعجبتك المدونة وتريد التواصل بكل المواضيع الجديدة ، قم بإدخال بريدك الإلكتروني و إنتظر الجديد

تابعنا علي الفيس بوك

كن علي اتصال

Best Blogger Tips

كن علي اتصال

Recommend on Google